الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي: مكة { ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ } أي: المقيم { فِيهِ وَٱلْبَادِ } أي: الطارئ { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ } أي: بميل عن القصد { بِظُلْمٍ } أي: بغير حق { نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } أي: جزاء على هتكه حرمته. ويشمل الإلحاد الإشراك ومنع الناس من عمارته، واقتراف الآثام. وتدل الآية على أن الواجب على من كان فيه، أن يضبط نفسه، ويسلك طريق السداد والعدل في جميع ما يهم به ويقصده.

وقد ذهب بعض السلف إلى أن السيئة في الحرم أعظم منها في غيره، وأنها تضاعف فيه، وإن همّ بها فيه أخذ بها. ومفعول (يرد) إما محذوف، أي: يرد شيئاً أو مراداً ما، والباء للملابسة. أو هي زائدة و(إلحاداً) مفعوله. أو للتعدية لتضمينه معنى (يلتبس). و(بظلم) حال مرادفة. أو بدل مما قبله، بإعادة الجار. أو صلة له. أي: ملحداً بسبب الظلم. وعلى كلّ , فهو مؤكد لما قبله. ومن قوله: { نُّذِقْهُ } الخ يؤخذ خبر { إِنَّ } ويكون مقدراً بعد قوله: { وَٱلْبَادِ } مدلولا عليه بآخر الآية، كما ارتضى ذلك أبو حيان في (البحر).

ثم أشار تعالى إلى تقريع وتوبيخ من عبد غيره وأشرك به في البقعة المباركة، التي أسست من أول يوم على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، بقوله سبحانه: { وَإِذْ بَوَّأْنَا... }.