الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ }

{ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ } أي: عن إرضاعها. أو عن الذي أرضعته وهو الطفل { وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا } أي: ما في بطنها لغير تمام { وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ } أي: كأنهم سكارى { وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ } أي: على التحقيق { وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ } أي: ولكن ما رهقهم من خوف عذاب الله، هو الذي أذهب عقولهم، وطيّر تمييزهم، وردهم في نحو حال من يذهب السكر بعقله وتمييزه. قاله الزمخشري.

لطيفة:

قال الناصر في (الانتصاف): العلماء يقولون: إن من أدلة المجاز صدق نقيضه، كقولك (زيد حمار) إذا وصفته بالبلادة. ثم يصدق أن تقول (وما هو بحمار) فتنفي عنه الحقيقة. فكذلك الآية. بعد أن أثبت السكر المجازي نفي الحقيقي أبلغ نفي مؤكد بالباء. والسر في تأييده التنبيه على أن هذا السكر الذي هو بهم في تلك الحالة، ليس من المعهود في شيء، وإنما هو أمر لهم يعهدوا قبله مثله. والاستدراك بقوله: { وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ } راجع إلى قوله: { وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ } كأنه تعليل لإثبات السكر المجازي. كأنه قيل: إذا لم يكونوا سكارى من الخمر، وهو السكر المعهود، فما هذا السكر الغريب وما سببه؟ فقال: سببه شدة عذاب الله تعالى. انتهى.

ثم أشير لحال المنكرين للساعة، بقوله تعالى: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ... }.