الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ }

{ يَدْعُو } أي: هذا المنقلب على وجهه، إذا أصابته فتنة { لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ } أي: وثناً أو صنماً، ضره في الدنيا بالذل والخزي وفي الآخرة بالعذاب، أسرع إليه من نفعه الذي يتوقعه بعبادته، وهو الشفاعة والتوسل به إلى الله تعالى. فاللام زائدة في المفعول به، وهو (مَنْ) كما زيدت في قوله تعالى:رَدِفَ لَكُم } [النمل: 72] في وجه. وذكر أن ابن مسعود كان يقرؤه: (يَدْعُو مَنْ ضَرُّهُ) بغير لام. وهي مؤيدة للزيادة. و(ضره) مبتدأ، و(أقرب) خبر. وفي الآية وجوه كثيرة هذا أظهرها. وإثبات الضرر له هنا، باعتبار معبوديته. ونفيُه قبلُ، باعتبار نفسه. والآية بمثابة الاستدراك أو الإضراب عما قبلها، بإثبات ضر محقق لاحق لعابده، تسفيها وتجهيلا لاعتقاده فيه أنه يستنفع به حين يستشفع به. وإيراد صيغة التفضيل، مع خلوه عن النفع بالمرة، للمبالغة في تقبيح حاله، والإمعان في ذمه { لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ } أي: الناصر له { وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ } أي: المصاحب له.

ولما بين سوء حال الكفرة من المجاهرين والمذبذبين، أعقبه بكمال حسن حال المؤمنين، بقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ... }.