الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ } * { قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ }

{ فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً } أي: فألقى موسى عصاه فتلقفت ما صنعوا فأَلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدَاً، لما تيقنوا أن ذلك ليس من باب السحر، وإنما هي آية ربانية { قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ * قَالَ } أي فرعون { آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءَاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ } أي: فاتفقتم معه ليكون لكم الملك { فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ } أي: من جانبين متخالفين { وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ } أي: التي هي أقوى الأخشاب وأخشنها { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى } يعني: أنكم إنما آمنتم برب موسى خوفاً من شدة عذابه، أو من تخليده في العذاب { وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَآ أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَىٰ } فإن رب موسى لم يقطع من أحد يده ورجله من خلاف، ولم يصلبه في جذوع النخل، ولم يبقه مصلوبا، قاله المهايميّ. وضعّفه الزمخشريّ بأن فرعون يريد نفسه وموسى عليه السلام، بدليل قوله: { آمَنتُمْ لَهُ } أي: لموسى واللام مع الإيمان، في كتاب الله لغير الله تعالى كقوله تعالى:يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ } [التوبة: 61] وقصده إظهار اقتداره وبطشه، وما جرى به من تعذيب الناس بأنواع العذاب. وتوضيع موسى عليه السلام واستضعافه مع الهزء به، لأن موسى لم يكن قط من التعذيب في شيء.