الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ }

{ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ } يعني: (بأهله) أهل بيته أو التابعين له. أي: مرهم بإقامتها لتجذب قلوبهم إلى خشية الله { وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا } أي: على أدائها، لترسخ بالصبر عليها ملكة الثبات على العبادة، والخشوع والمراقبة التي ينتج عنها كل خير. ثم أشار تعالى إلى أن الأمر بها، إنما هو لفلاح المأمور ومنفعته، ولا يعود على الآمر بها نفع مَّا, لتعاليه وتنزهه بقوله: { لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } أي: لا نسألك مالاً. بل نكلفك عملاً ببدنك نؤتيك عليه أجراً عظيماً وثواباً جزيلاً. ومعنى: { نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } ، أي: نحن نعطيك المال ونكسبك ولا نسألكه. قاله ابن جرير.

وقال أبو مسلم: المعنى: أنه تعالى إنما يريد منه ومنهم العبادة. ولا يريد منه أن يرزقه كما تريد السادة من العبيد الخراج. وهو كقوله تعالى:وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ } [الذاريات: 56-57] وقال بعض المفسرين: معنى الآية: أقبل مع أهلك على الصلاة واستعينوا بها على خصاصتكم. ولا تهتموا بأمر الرزق والمعيشة، فإن رزقك مكفيّ من عندنا، ونحن رازقوك. وهذا المعنى لا تدل عليه الآية منطوقاً ولا مفهوماً. وفيه حض على القعود عن الكسب، ومستند للكسالى القانعين بسكنى المساجد عن السعي المأمور به. وقد قال تعالى في وصف المتقين:رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [النور: 37] إشارة إلى جمعهم بين الفضيلتين:رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً } [البقرة: 201].

وقوله تعالى: { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } أي: والعاقبة الحسنة من عمل كل عامل، لأهل التقوى والخشية من الله، دون من لا يخاف له عقاباً ولا يرجو له ثواباً.