الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } من عادة التنزيل العزيز أنه لا يذكر فيه آية الوعيد إلا ويتلوها آية في الوعد. وذلك لفوائد: منها: ليظهر بذلك عدله سبحانه؛ لأنه لما حكم بالعذاب الدائم على المصرين على الكفر، وجب أن يحكم بالنعيم الدائم على المصرّين على الإيمان. ومنها: أن المؤمن لا بد وأن يعتدل خوفه ورجاؤه. وذلك الاعتدال لا يحصل إلا بهذا الطريق. ومنها: أنه يظهر بوعده كمال رحمته، وبوعيده كمال حكمته، فيصير ذلك سبباً للعرفان.

وقد قدمنا عند قوله تعالى:وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ } [البقرة: 25] أن السلف أجمعوا على أن الإيمان قول وعمل. فإذا عطف عليه العمل، فإما أن يكون من عطف الخاص على العام، أو يقال: لم يدخل فيه ولكن مع العطف، كما في اسم الفقير والمسكين، فتذكر.

قال الراغب: في هذه الآية دليل على أن قوله تعالى من قبلُبَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } [البقرة: 81] هو الكفر، وإحاطةُ الخطيئة به، الأعمال السيئةُ، وذلك لما قابله به من الإيمان والأعمال الصالحة.

ثم شرع، سبحانه، يقيم الدليل على أنهم ممن أحاطت به خطيئته فقال:

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ... }.