الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ }

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } بني إسرائيل { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } وذلك أنه وجد قتيل فيهم، وكانوا يطالبون بدمه، فأمرهم الله بذبح بقرة وأن يضربوه ببعضها ليحيى ويخبر بقاتله { قَالُوۤاْ } استئناف وقع جوابا عما ينساق إليه الكلام، كأنه قيل: فماذا صنعوا؟ هل سارعوا إلى الامتثال أو لا؟. فقيل: { قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً } بضم الزاي وقلب الهمزة واواً، وقرئ بالهمزة مع الضم والسكون. أي: أتجعلنا مكان هُزُوٍ، أو أهل هُزُوٍ، أو مهزوّاً بنا، أو نفس الهزو، للمبالغة. وأشعر جوابهم ما ثبت من فظاظتهم، إذ فيه سوء الأدب على من ثبتت رسالته وقد علموها. { قَالَ } استئناف كما سبق { أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } لأن الهزؤ في أثناء تبليغ أمر الله سبحانه، جهل وسفه. نفى عنه، عليه السلام، ما توهموه من قِبَلِهِ على أبلغ وجه، وآكده، بإخراجه مخرج ما لا مكروه وراءه بالاستعاذة منه، استفظاعاً له، واستعظاماً لما أقدموا عليه من العظيمة التي شافهوه، عليه السلام، بها. والعَوْذ: اللجأ من متخوَّف لكافٍ يكفيه. والجهل: التقدم في الأمور بغير علم.