الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } تذكيراً لجناية أخرى لأسلافهم، أي: واذكروا وقت أخذنا لميثاقكم بالمحافظة على ما في التوراة، { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ } ترهيباً لكم لتقبلوا الميثاق. وذلك أن الطور اقتلع من أصله، ورفع وظّلل فوقهم. والطور: هو الجبل. وقيل لهم وهم مظلٌّ فوقهم. { خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم } من الكتاب { بِقُوَّةٍ } أي: بجد واجتهاد، { وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ } واحفظوا ما في الكتاب وادرسوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } لكي تتقوا المعاصي، أو رجاء منكم أن تنتظموا في سلك المتقين، أو طلباً لذلك. وهذه الآية نظير قوله تعالى في سورة الأعرافوَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأعراف: 171].

قال الراغب: إن قيل إن هذا يكون إلجاء ولا يستحق به الثواب، قيل: لم يستحقوا الثواب بالالتزام وإنما استحقوه بالعمل بها من بعد. فأما في التزامها فمضطرون، قال بعض الناس: عنى بالطور تشديد الأمر عليهم، وجعل ذلك مثلاً. وذلك بعيد، ومثله قال القاشانيّ: طور الدماغ للتمكن من فهم المعاني وقبولها، فإنه بعيد يأباه ظاهر الآية الأخرى، وإن كان الإطلاق في اللغة لا ينحصر في الحقيقة.