{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } تذكيراً لجناية أخرى لأسلافهم، أي: واذكروا وقت أخذنا لميثاقكم بالمحافظة على ما في التوراة، { وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ } ترهيباً لكم لتقبلوا الميثاق. وذلك أن الطور اقتلع من أصله، ورفع وظّلل فوقهم. والطور: هو الجبل. وقيل لهم وهم مظلٌّ فوقهم. { خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم } من الكتاب { بِقُوَّةٍ } أي: بجد واجتهاد، { وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ } واحفظوا ما في الكتاب وادرسوه ولا تنسوه ولا تغفلوا عنه { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } لكي تتقوا المعاصي، أو رجاء منكم أن تنتظموا في سلك المتقين، أو طلباً لذلك. وهذه الآية نظير قوله تعالى في سورة الأعراف{ وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [الأعراف: 171]. قال الراغب: إن قيل إن هذا يكون إلجاء ولا يستحق به الثواب، قيل: لم يستحقوا الثواب بالالتزام وإنما استحقوه بالعمل بها من بعد. فأما في التزامها فمضطرون، قال بعض الناس: عنى بالطور تشديد الأمر عليهم، وجعل ذلك مثلاً. وذلك بعيد، ومثله قال القاشانيّ: طور الدماغ للتمكن من فهم المعاني وقبولها، فإنه بعيد يأباه ظاهر الآية الأخرى، وإن كان الإطلاق في اللغة لا ينحصر في الحقيقة.