الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسِّلْمِ } - بكسر السين وفتحها مع إسكان اللام فيهما قراءتان سبعيتان - أي: في الإسلام. قال امرؤ القيس بن عابس:
فلستُ مبدّلاً بالله ربّاً   ولا مستبدلاً بالسِّلم ديناً..!
ومثله قول أخي كَنْدَةَ:
دعوت عشيرتي للسِّلم لمّا   رأيتهم تولّوا مدبرينا..!
قال الرازي: أصل هذه الكلمة من الانقياد. قال الله تعالى:إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [البقرة: 131]. والإسلام إنما سمّى إسلاماً لهذا المعنى. وغلب اسلم السلم على الصلح وترك الحرب. وهذا أيضاً راجع إلى هذا المعنى، لأن عند الصلح ينقاد كل واحدٍ لصاحبه ولا ينازعه فيه.

ومعنى الآية: ادخلوا في الاستسلام والطاعة. أي: استسلموا لله وأطيعوه ولا تخرجوا عن شيء من شرائعه { كَآفَّةً } حال من الضمير في { ٱدْخُلُواْ } { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } أي: طرقه التي يأمركم بها. فـإِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [البقرة: 169] وإِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } [فاطر: 6] وضمّ الطاء من { خُطُوَاتِ } وإسكانها لغتان: حجازية وتميمية. وقد قرئ بهما في السبع. { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }. ظاهر العداوة أو مُظِهر لها. أي: بما أخبرناكم به في أمر أبيكم آدم عليه السلام وغيره، مما شواهده ظاهرة.