الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ }

{ ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ } إنما استحقوا هذا العذاب الشديد، لأنّ الله تعالى أنزل الكتاب الجامع لأنواع الهدى. وهو صالح لإرادة القرآن والتوراة، بالحقّ، أي: متلبّساً به. فلا جرم يكون - مَنْ يختلف فيه ويرفضه بالتحريف والكتمان - مبتليً بمثل هذا من أفانين العذاب؛ لأنّه حاول نفي ما أثبت الله، فقد ضادَّ الله في شرعه، عياذاً به سبحانه. { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَابِ } أي: في جنس الكتاب الإلهيّ، بأن آمنوا ببعض كتب الله تعالى وكفروا ببعضها؛ أو في التوراة، بأن آمنوا ببعض آياتها وكفروا ببعض، أو الاختلاف في تأويلها، فاجترؤوا لأجله على تحريفها، أو في القرآن بأن قال بعضهم: إنّه سحرٌ، وبعضهم: إنّه شعر، وبعضهم: أساطير الأولين.

قال الراغب: وأصل الاختلاف: التخلف عن المنهج. وقيل: اختلفوا: أتوا بخلاف ما أنزل الله. وقيل: اختلفوا: بمعنى خلفوا - نحو اكتسبوا وكسبوا، وعملوا واعتملوا - أي: صاروا خلفاء فيه، نحو:فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } [الأعراف: 169، مريم: 59] ا.هـ.

{ لَفِي شِقَاقٍ } أي: خلافٍ ومنازعة { بَعِيدٍ } عن الحقّ والصواب، مستوجب لأشدّ العذاب. وقوله تعالى:

{ لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ... }.