الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

{ ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ } يسخر بهم للنقمة منهم - هكذا فسره ابن عباس رضي الله عنهما فيما رواه الضحاك - { وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } يزيدهم على وجه الإملاء، والترك لهم في عتوهم وتمردهم، كما قال تعالى:وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَٰرَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [الأنعام: 110].

والطغيان: المراد به هنا: الغلو في الكفر ومجاوزة الحد في العتوّ. وأصل المادة هو المجاوزة في الشيء، كما قال تعالى:إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } [الحاقة: 11].

والعمه مثل العمى - إلا أن العمى عامّ في البصر والرأي، والعمه في الرأي خاصة - وهو التحير والتردد، لا يدري أين يتوجه. أي: في ضلالهم وكفرهم - الذي غمرهم دَنَسُهُ، وعلاهم رِجْسُهُ - يترددون حيارى، ضُلالاً، لا يجدون إلى المخرج منه سبيلاً.

والمشهور فتح الياء من { وَيَمُدُّهُمْ } ، وقرئ - شاذاً - بضمها، وهما بمعنى واحد. يقال: مد الجيش وأمده - إذا زاده، وألحق به ما يقوِّيه ويكثره - وكذلك مدّ الدواة وأمدها زادها ما يصلحها.