الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ }

{ وَإِذَا لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا } أي: أظهروا لهم الإيمان، والموالاة، والمصافاة - نفاقاً، ومصانعةً، وتقيةً وليشركوهم فيما أصابوا من خير ومغنم.

واعلم أن مساق هذه الآية بخلاف ما سيقت له أول قصة المنافقين، فليس بتكرير. لأن تلك في بيان مذهبهم، والترجمة عن نفاقهم؛ وهذه لبيان تباين أحوالهم، وتناقض أقوالهم - في أثناء المعاملة والمخاطبة - حسب تباين المخاطبين!

{ وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ } يقال: خلوت بفلان وإليه أي: انفردت معه؛ ويجوز أن يكون من خلا بمعنى: مضى، ومنه: القرون الخالية. والمراد بـ { شَيَاطِينِهِمْ }: أصحابهم أولو التمرد والعناد؛ والشيطان يكون من الإنس والجن، كما قال تعالى:وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَٰطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } [الأنعام: 112]. وإضافتهم إليهم للمشاركة في الكفر، واشتقاق شيطان من شطن، إذا بعد، لبعده من الصلاح والخير.

ومعنى: { إِنَّا مَعَكُمْ } أي: في الاعتقاد على مثل ما أنتم عليه، إنما نحن في إظهار الإيمان عند المؤمنين مستهزئون ساخرون بهم. والاستهزاء بالشيء السخرية منه. يقال: هزأت واستهزأت بمعنى.