الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ ٱلسُّفَهَآءُ أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ }

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ } بطريق الأمر بالمعروف، إثر نهيهم عن المنكر - إتماماً للنصح، وإكمالاً للإرشاد - { آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ ٱلنَّاسُ } أي: الكاملون في الإنسانية، فإن المؤمنين هم الناس في الحقيقة لجمعهم ما يُعد من خواص الإنسان وفضائله - { قَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ ٱلسُّفَهَآءُ } استفهام في معنى الإنكار. والسفه خفةٌ وسخافةُ رأي يورثهما: قصور العقل، وقلة المعرفة بمواضع المصالح والمضار - ولهذا سمى الله النساء والصبيان سفهاء في قوله تعالى:وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ ٱلَّتِي جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَٰماً } [النساء: 5].

وإنما سفّهوهم - مع أنهم العقلاء المراجيح - لأنهم: لجهلهم، وإخلالهم بالنظر وإنصاف أنفسهم، اعتقدوا أن ما هم فيه هو الحق، وأن ما عداه باطل - ومن ركب متن الباطل كان سفيهاً - ولأنهم كانوا في رياسة في قومهم، ويسار؛ وكان أكثر المؤمنين فقراء، ومنهم مَوَالٍ - كصهيب، وبلال، وخبّاب - فدعوهم سفهاء تحقيراً لشأنهم { أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَـٰكِن لاَّ يَعْلَمُونَ }.