{ وَلَنْ تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } أي: لأنهم يريدون أن يكونوا متبوعين على الإطلاق، وفيه مبالغة في الإقناط من إسلامهم، وتنبيه على أنه - لا يرضيهم إلا ما لا يجوز ووقوعه منه، عليه السلام { قُلْ } لا يتبع رسولٌ إلا الهدى { إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ } أي: الذي هو الإسلام { هُوَ ٱلْهُدَىٰ } أي: فليس وراءه هدى، وما تدعون إليه ليس يهدى، بل هو هوى. كما يعرب عنه قوله: { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُمْ } أي: آراءهم الزائغة الصادرة عنهم بقضية شهوات أنفسهم { بَعْدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } بأن دين الله هو الإسلام، أو من الدين المعلوم صحته بالبراهين الواضحة { مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ } يلي أمرك { وَلاَ نَصِيرٍ } يدفع عنك عقابه. وإنما أُوثِر خطابه صلى الله عليه وسلم ليدخل دخولاً أوليّاً من اتبع أهواءهم بعد الإسلام من المنافقين تمسكاً بولايتهم، طمعاً في نصرتهم. قال الإمام الرازي: في الآية دلالة على أن اتباع الهوى لا يكون إلا باطلاً، فمن هذا الوجه تدل على بطلان التقليد. انتهى. وفي فتح البيان ما نصه: وفي هذه الآية من الوعيد الشديد الذي ترجف له القلوب وتنصدع منه الأفئدة، ما يوجب على أهل العلم الحاملين لحجج الله سبحانه، والقائمين ببيان شرائعه - ترك الدهان لتاركي العلم بالكتاب والسنة، المُؤْثرين لمحض الرأي عليهما. انتهى.