المرض: السقم، وهم نقيض الصحة، بسبب ما يعرض للبدن، فيخرجه عن الاعتدال اللائق به، ويوجب الخلل في أفاعيله، استعير ههنا لعدم صحة يقينهم، وضعف دينهم - وكذا توصف قلوب المؤمنين بالسلامة التي هي صحة اليقين، وعدم ضعفه، كما قال تعالى:{ إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } [الشعراء: 89] أي: غير مريض بما ذكرنا - أو استعير لشكهم، لأن الشك تردُّد بين الأمرين، والمنافق متردد كما في الحديث " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين " والمريض متردد بين الحياة والموت. { فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضاً } بأن طبع على قلوبهم، لعلمه تعالى بأنه لا يؤثر فيها التذكير والإنذار. وقال القاشاني: أي مرضاً آخر - حقداً وحسداً وغِلاًّ - بإعلاء كلمة الدين، ونصرة الرسول والمؤمنين - ثم قال: والرذائل كلها أمراض قلوب، لأنها أسباب ضعفها وآفتها في أفعالها الخاصة، وهلاكها في العاقبة. { وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: مُؤلِمٌ - بكسر اللام - فعيل بمعنى فاعل - كسميع وبصير. قال في المحكم: الأليم من العذاب الذي يبلغ إيجاعه غاية البلوغ. ومنه، يُعلم وجه إيثاره في عذاب المنافقين - على " العظم " المتقدم في وصف عذاب الكافرين - ويؤيده:{ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } [النساء: 145]. { بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ } الباء للسببيّة أو للمقابلة - أي: بسبب كذبهم أو بمقابلته - وهو قولهم: آمنا بالله وباليوم الآخر، وهم غير مؤمنين. وفيه رمز إلى قبح الكذب، وسماجته، وتخييل أن العذاب الأليم لاحقٌ بهم من أجل كذبهم - مع إحاطة علم السميع بأنَّ لحوق العذاب بهم من جهات شتى - ونحوه قوله تعالى:{ مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ } [نوح: 25] - والقوم كفرة - وإنما خصّت الخطيئات استعظاماً لها، وتنفيراً عن ارتكابها.