الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً }

{ أُولَـٰئِكَ } إشارة إلى المذكورين في السورة من لدن زكريا إلى إدريس عليه السلام. وما فيه من معنى البعد، للإشعار بعلو رتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل. وقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } أي: بفنون النعم الدينية والدنيوية { مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ } أي: هديناهم للحق واجتبيناهم للنبوة والكرامة { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً } أي: إذا سمعوا كلام الله المتضمن حججه ودلائله وبراهينه، سجدوا لربهم خضوعاً واستكانة. مع ما لهم من علو الرتبة. وسمو الزلفى عنده تعالى. وفي الآية استحباب السجود والبكاء عند سماع التلاوة.

قال ابن كثير: أجمع العلماء على مشروعية السجود ههنا، اقتداء بهم، واتباعاً لمنوالهم. وروى ابن جرير وابن أبي حاتم: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ سورة مريم فسجد. وقال: هذا السجود فأين البُكيّ.

ولما ذكر حزب السعداء، وهم الأنبياء ومن اتبعهم من القائمين بحدود الله وأوامره ذكر من نبذ دعوتهم ممن خلقهم، وما سينالهم، بقوله سبحانه: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ.... }.