{ وَيَوْمَ يَقُولُ } أي: الحق تعالى { نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ } أي: في دار الدنيا أنهم شركاء لينقذوكم مما أنتم فيه. يقال لهم ذلك على رؤوس الأشهاد تقريعاً وتوبيخاً لهم: { فَدَعَوْهُمْ } أي: فنادوهم للإعانة؛ لبقاء اعتقاد شركهم { فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ } أي: فلم يعينوهم، لعجزهم عن الجواب، فضلاً عن الإعانة. وفي إيراده مع ظهوره تهكم بهم وإيذان بأنهم في الحماقة بحيث لا يفهمونه إلا بالتصريح به { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم } أي: بين الكفار وآلهتهم { مَّوْبِقاً } أي: مهلكا يشتركون فيه، وهو النار. أو عداوة هي في الشدة نفس الهلاك. كقول عمر رضي الله عنه: (لا يكن حبك كلفاً، ولا بغضك تلفاً) ويؤيد هذا قوله تعالى:{ وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً * كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [مريم: 81-82]، قال ابن كثير: وأما إنْ جعل الضمير في قوله: { بَيْنَهُم } عائدا إلى المؤمنين والكافرين كما قال عبد الله بن عمرو: (إنه يفرق بين أهل الهدى والضلالة به) فهو كقوله تعالى:{ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } [الروم: 14] وقال:{ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [الروم: 43] وقال تعالى:{ وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } [يّس: 59] وقال تعالى:{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } [يونس: 28] إلى قوله:{ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [يونس: 30].