الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً } * { فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } * { أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً }

{ وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } أي: هلا قلت عند دخولها ذلك. قال الزمخشريّ: يجوز أن تكون { مَا } موصولة مرفوعة المحل، على أنها خبر مبتدأ محذوف. تقديره (الأمر ما شاء الله) أو شرطية منصوبة الموضع والجزاء محذوف بمعنى (أي شيء شاء الله كان) ونظيرها في حذف الجواب (لو) في قوله:وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ ٱلْجِبَالُ } [الرعد: 31] والمعنى: هلا قلت عند دخولها، والنظر إلى ما رزقك الله منها، الأمر ما شاء الله، اعترافاً بأنها وكل خير فيها إنما حصل بمشيئة الله وفضله. وأن أمرها بيده. إن شاء تركها عامرة، وإن شاء خربها. وقلت: { لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ } إقراراً بأن ما قويت به على عمارتها وتدبير أمرها، إنما هو بمعونته وتأييده. إذ لا يقوى أحد في بدنه ولا في ملك يده إلا بالله تعالى. والقصد من الجملتين: التبرؤ من الحول والقوة، إسناد ما أوتيه إلى مشيئة الله وقوته وحدَه. ثم أشار له صاحبه بأن تعييره إياه بالفقر، لا يبعد أن ينعكس فيه الأمر، بقوله: { إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً * فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ } أي: في الدنيا أيضاً { خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً } أي: مقداراً قدره الله وحسبه، وهو الحكم بتدميرها من صواعق وآفات علوية { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } أي: تراباً أملس لا تثبت فيها قدم، لملاستها { أَوْ } يهلكها بآفة سفلية من جهة الأرض بأن { يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً } أي: غائراً في الأرض { فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً } أي: حيلة تدركه بها بالحفر أو بغيره.

تنبيه

كل من قوله تعالى: { إِن تَرَنِ } وقوله: { أَن يُؤْتِيَنِ } رسم بدون ياء؛ لأنها من ياءات الزوائد. وأما في النطق، فبعض السبعة يثبتها وبعضهم يحذفها.