الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً }

{ وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } أي: قويناها بالصبر على المجاهدة. وشجعناهم على محاربة الشيطان والفرار بالدين إلى بعض الغيران. ومخالفة النفس وهجر المألوفات الجسمانية واللذات الحسية والقيام بكلمة التوحيد. وقيل جسَّرناهم على القيام بكلمة التوحيد , وإظهار الدين القويم، والدعوة إلى الحق عند ملكهم الجبار. لقوله تعالى: { إِذْ قَامُواْ } أي: بين يديه غير مبالين به. و { إِذْ } ظرف لـ { رَبَطْنَا }. قال الشهاب: (الربط) على القلب مجاز عن الربط بمعنى الشدّ المعروف. أي: استعارة منه. كما يقال، رابط الجأش؛ لأن القلق والخوف ينزعج به القلب من محله، كما قال تعالى:وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ } [الأحزاب: 10] فشبه القلب المطمئن لأمرٍ بالحيوان المربوط في محلٍ. وعدَّى ربط بـ { عَلَىٰ } وهو متعدّ بنفسه، لتنزيله منزلة اللازم { فَقَالُواْ رَبُّنَا } الذي نعبده { رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } بحيث يدخل تحت ربوبيته كل معبود سواه { لَن نَّدْعُوَاْ } أي: نعبد { مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً } أي: ذا بعدٍ عن الحق، مفرط في الظلم.