الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيۤ أَوْلِيَآءَ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً }

{ أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيۤ أَوْلِيَآءَ } هذا رجوع إلى طليعة السورة في قوله تعالى:وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } [الكهف: 4] فهو من باب رد العجز على الصدر المقرر في البديع، جيء بالاستفهام الإنكاري، إنكاراً لما وقع منهم وتوبيخاً لهم. ومفعول (حسب) الثاني محذوف. أي: أفحسبوا اتخاذهم نافعاً لهم؟كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [مريم: 82] كما قالوا:قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ } [سبأ: 41] { إِنَّآ أَعْتَدْنَا } أي: هيأنا: { جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً } أي: شيئاً يتمتعون به عند ورودهم. و(النزُلُ): ما يقام للنزيل أي: الضيف. وفيه استعارة تهكمية. إذ جعل ما يعذبون به في جهنم كالزقوم والغسلين ضيافة لهم.

وقال أبو السعود: وفيه تخطئة لهم في حسبانهم، وتهكم بهم. حيث كان اتخاذهم إياهم أولياء من قبيل إعتاد العتاد، وإعداد الزاد ليوم المعاد. فكأنه قيل: إنا أعتدنا لهم، مكان ما أعدوا لأنفسهم من العدة والذخر، جهنم عدة. وفي إيراد (النزل) إيماء إلى أن لهم وراء جهنم من العذاب ما هو أنموذج له. أي: لأن الضيف لا يستقر في منزل الضيافة. وينتقل إلى ما هو إهناء له في دار إقامته. فكان تنبيهاً على أنهم سيذوقون ما هو أشد.