الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً }

{ وَإِن كَادُواْ } أي: أهل مكة { لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ } أي: ليزعجونك بمعاداتهم من مكة { لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ } أي: ولو خرجت لا يبقون بعد خروجك { إِلاَّ قَلِيلاً } أي: زماناً قليلاً { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا } يعني: أن كل قوم أخرجوا رسولهم من بين ظهرانيهم، فسنة الله أن يهلكهم. ونصبت نصب المصدر المؤكد. أي: سنَّ الله ذلك سنة { وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } أي: تغييراً. ولا يخفى أن المراد بعدم لبثهم، إهلاكهم. سواء كان بالاستئصال، أوْ لا. قال ابن كثير: وكذلك وقع. فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن بين هجرته من بين أظهرهم، بعد ما اشتد أذاهم له، إلا سنة ونصف، حتى جمعهم الله ببدر على غير ميعاد. فأمكنه منهم، وسلطه عليهم، وأظفره بهم. فقتل أشرافهم وسبى سراتهم. ولهذا قال تعالى: { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا } أي: هكذا عادتنا في الذين كفروا برسلنا وآذوهم. يخرج الرسول من بين أظهرهم ويأتيهم العذاب. ولولا أنه صلى الله عليه وسلم رسول الرحمة، لجاءهم من النقم في الدنيا ما لا قبل لأحد به. كما قال تعالى:وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } [الأنفال: 33].