الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } * { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً }

{ وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ } أي: كتاب اللوح المحفوظ، أي: حكمنا فيه { لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ } يعني أرض فلسطين بيت المقدس التي بارك الله حولها. والإفساد بالكفر والمعاصي.

قال السمين: في تعدية { قَضَيْنَآ } بـ { إِلَىٰ } تضمينه معنى أنفذنا. أي: أنفذنا إليهم بالقضاء المحتوم. ومتعلق القضاء محذوف. أي: بفسادهم. وقوله: { لَتُفْسِدُنَّ } جواب قسم محذوف مؤكد لمعنى القضاء، أو جواب لقوله: { وَقَضَيْنَآ } لأنه ضمن معنى القسم. ومنه قولهم (قضاء الله لأفعلن كذا) فيُجرون القضاء والقدر مجرى القسم، فيتلقيان بما يتلقى به القسم. و { مَرَّتَيْنِ } أي: إفسادتين. منصوب على أنه مصدر { لَتُفْسِدُنَّ } من غير لفظه. وعدل عنه؛ لأن تثنية المصدر وجمعه ليس بمطرد: { وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } أي ولتستكبرن وتتعظمنَّ عن طاعة الله تعالى، أو لتظلمن الناس { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا } أي: موعود أولى المرتين، أي: وما وعدوا به في المرة الأولى، يعني وعد المؤاخذة على أولى المفسدتين { بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي: ذوي قوة وبطش في الحرب، شديد { فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ } ترددوا خلال أماكنكم ومحالكم للقتل والسبي والنهب { وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } أي: مَقْضِيّاً لا صارف له.