الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً }

{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ } أي: كررنا للناس البيان بوجوه كثيرة، وبينا فيه من كل مثل: { لِيَذَّكَّرُواْ } أي: ليتعظوا ويعتبروا ويطمئنوا إلى ما يحتج به عليهم { وَمَا يَزِيدُهُمْ } أي: التصريف المذكور { إِلاَّ نُفُوراً } أي: عن الحق وبعدا عنه، الذي يقربه وجوه البيان. وقوله تعالى: { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } أي: قل لهؤلاء المشركين الزاعمين أن لله شركاء من خلقه، العابدين معه غيره، ليقربهم إليه زلفى: لو كان الأمر كما تقولون، وأن معه آلهة تعبد لتقرّب إليه وتشفع لديه، لكان أولئك المعبودون يعبدونه ويتقربون إليه، ويبتغون الزلفى والطاعة لديه، فاعبدوه أنتم وحده كما يعبده من تدعونه من دونه. ولا حاجة لكم إلى معبود يكون واسطة بينكم وبينه. فإنه لا يحب ذلك ولا يرضاه. بل يكرهه ويأباه. وقد نهى عن ذلك على ألسنة جميع رسله وأنبيائه. هذا ما اختاره ابن كثير، وسبقه إليه ابن جرير.

وحاصله: أن السبيل بمعنى الوسيلة الموصلة إليه. وفيه إشارة إلى قياس اقترانيّ تقريره هكذا: لو كان كما زعمتم معه آلهة لتقربوا إليه. وكل من كان كذلك ليس إلهاً، فهم ليسوا بآلهة. وقيل: معنى { لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِي ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } أي: لطلبوا إليه سبيلا بالمغالبة والممانعة، كما هو ديدن الملوك بعضهم مع بعض، على طريقة قوله تعالى:لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا } [الأنبياء: 22] وهذا الوجه قدمه الزمخشريّ على الأول. وقال أبو السعود: إنه الأظهر الأنسب لقوله:

{ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ... }.