الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } * { لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً }

{ كُلاًّ نُّمِدُّ } أي: كل واحد من الفريقين. وقوله: { هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ } بدل من { كُلاًّ }: { مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ } أي: فضله. فيرزقهما جميعاً من رزقه إلى بلوغهما الأمد واستيفائهما الأجل، ما كتب لهما. ثم تختلف بهما الأحوال بعد الممات، وتفترق بهما بعد الورود المصادرُ. ففريق مريدي العاجلة، إلى جهنم مصدرهم. وفريقُ مريدي الآخرة، إلى الجنة مآبهم { وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } أي: ممنوعاً لا يمنعه من عاصٍ لعصيانه. والجملة كالتعليل لشمول الإمداد للفريقين { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } أي: في الرزق في الدنيا { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } لأن فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ثم أشار تعالى إلى ما به تنال درجات الآخرة من البراءة من الشرك، ومن الاعتصام بالإيمان وشعبه، بقوله: { لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَّخْذُولاً } أي: لا تجعل معه شريكا في عبادته فتصير مذموماً ملوماً على الشرك، مخذولاً من الله، يكلك إلى ذاك الشريك ولا ينصركوَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ } [آل عمران: 160].