الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ }

{ وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ } أي: المزن { مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ } أي: بالنبات والزرع، بعد جدبها ويبسها { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } أي: هذا التذكير، ويعقلون وجه دلالته { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ } وهو ما في الكرش من الثفل { وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } أي: سهل المرور في حلقهم.

بيّن تعالى آيته في الأنعام بما ذكر، ليستدل به على وحدانيته وانفراده بالألوهية. وليستدل به أيضاً على الحشر. فإن العشب الذي يأكله الحيوان إنما يتولد من الماء والتراب. فَقَلْبُ الطين نباتاً وعشباً، ثم تبديلُه دماً في جوف الحيوان، ثم تحويله إلى لبَن، أعظم عبرة على قدرته تعالى على قلب هذه الأجسام الميتة من صفة إلى صفة. وإنما ذكّر الضمير في بطونه هنا، وأنثه في سورة المؤمنين، لكون الأنعام اسم جمع، فيذكر ويفرد ضميره، باعتبار لفظه. ويؤنث ويجمع لاعتبار معناه.