الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

{ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ } أي: مخلصين لوجهه، أو في حقه، وهم إما مهاجرة الحبشة الذين اشتدّ أذى قومهم لهم بمكة، حتى خرجوا من بين أظهرهم إلى بلاد الحبش بأمره صلى الله عليه وسلم، وذلك مخافة الفتنة وفراراً إليه تعالى بدينهم، وكانوا ثلاثة وثمانين رجلا سوى صغار أبنائهم، وهي أول هجرة في الإسلام. ويؤيده كون السورة مكية.

أو هم مهاجرة المدينة، أخبر به قبل وقوعه أو بعده، إلا أنها ألحقت بالمكية. وقوله تعالى: { مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } أي: أوذوا وأريد فتنتهم عن الدين { لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } يعني بالغلبة على من ظلمهم، وإيراثهم أرضهم وديارهم { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } يعني مضطهديهم وظالميهم. وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه، يقول: خذ بارك الله لك فيه. هذا ما وعدك الله في الدنيا، وما ادخر لك في الآخرة أفضل. ثم وصفهم تعالى بقوله:

{ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ... }.