الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ } * { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }

{ لِيُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } وهو الحق، وأنهم كانوا على الضلالة قبله { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ } أي: في أباطيلهم. لا سيما في إيمانهم بعدم البعث؛ ولذا تقول لهم الزبانية يوم القيامة:هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } [الطور: 14] ثم بيّن عظيم قدرته، وأنه لا يعجزه شيء ما بقوله سبحانه { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } أي: فيوجد على ما شاء تكوينه كقوله تعالى:وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } [القمر: 50] وقوله:مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } [لقمان: 28].

قال الزمخشريّ: { قَوْلُنَا } مبتدأ و { أَن نَّقُولَ } خبره و { كُنْ فَيَكُونُ } من (كان) التامة التي بمعنى الحدوث والوجود. أي: إذا أردنا وجود شيء فليس إلا أن نقول له: احدث، فهو يحدث عقيب ذلك، لا يتوقف. وهذا مثل؛ لأن مراداً لا يمتنع عليه. وأن وجوده عند إرادته تعالى غير متوقف، كوجود المأمور به عند أمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور المطيع الممتثل. ولا قولَ ثَمَّ. والمعنى: إن إيجاد كل مقدور على الله تعالى بهذه السهولة. فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو في شق المقدورات. انتهى.

قال الشهاب: فسقط ما قيل: إنَّ { كُنْ } إن كان خطاباً مع المعدوم فهو محال. وإن كان مع الموجود كان إيجاداً للموجود. وفي الآية كلام لطيف مضى في سورة البقرة. فارجع إليه.

ثم أخبر تعالى عن جزائه للمهاجرين الذين فارقوا الدار والأهل والخلاّن، رجاءَ ثوابه وابتغاء مرضاته، بقوله:

{ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي ٱللَّهِ... }.