الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } * { أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ }

{ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } أي: من أعمالكم وسيجزيكم عليه { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } أي: فأنَّى تستحق الألوهية، وقد نفى عنها أخص صفاتها؟ فإنها ذوات مفتقرة إلى الإيجاد. أو المعنى: أن الناس يخلقونها بالنحت والتصوير، وهم لا يقدرون على نحو ذلك. فهم أعجز من عبدتهم. كما قال الخليل عليه السلام:قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } [الصافات: 95-96] ثم أكد ذلك بأن أثبت لهم ما ينافي الألوهية بقوله: { أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ } أي: هي جمادات لا أرواح فيها، فلا تسمع ولا تبصر ولا تعقل. وقوله { غَيْرُ أَحْيَآءٍ } تأكيد أو تأسيس؛ لأن بعض الأموات مما يعتريه الحياة، سابقاً أو لاحقاً، كأجساد الحيوان، والنطف التي ينشئها الله تعالى حيواناً. فلذا احترز عنه بقوله: { غَيْرُ أَحْيَآءٍ } أي: لا يعتريها الحياة أصلاً. فهي أموات على الإطلاق، حالاً ومآلاً { وَمَا يَشْعُرُونَ } أي تلك الأصنام المعبودة { أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } أي: متى يكون بعثها؟ وقد رُوي، أنها تبعث، ويجعل فيها حياة، فتبرأ من عابديها. ثم يؤمر بها وبهم جميعاً إلى النار.

وجوّز عود الضمير إلى عابديها. أي: وما تشعر الأصنام متى يبعث عبدتهم. تهكما بحالها؛ لأن شعور الجماد محال. فكيف بشعور ما لا يعلمه إلا الله؟ وفيه إشعار بأن معرفته وقت البعث من لوازم الألوهية.