الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } * { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوۤاْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } يعني اليهود { حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } أي: في سورة الأنعام في قوله تعالى:وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَآ إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا } الآية [الأنعام: 146] { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ } أي: فيما حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ: { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } أي: فاستحقوا ذلك. كقوله:فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً } [النساء: 160] وقد سلف ما ذكروه في تفسيرها مما يجيء هنا، فتذكر. قالوا: في الآية تنبيه على الفرق بينهم وبين غيرهم في التحريم. فإن هذه الأمة لم يحرم عليها إلا ما فيه مضرة لها وغيرهم قد يحرم عليهم ما لا ضرر فيه، عقوبة لهم بالمنع، كاليهود. ثم بين تعالى عظيم فضله في قبول توبة من تاب من العصاة بقوله: { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوۤاْ } أي: العمل فيما بينهم وبين ربهم { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا } أي: التوبة { لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }. ثم نوه تعالى بإبراهيم عليه الصلاة والسلام، دعاءً لهم إلى سلوك طريقته في التوحيد، ورفض الوثنية، وتبرئة لمقامه، مما كانوا يفترون عليه، بقوله سبحانه:

{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً... }.