الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } * { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ ٱلْوَارِثُونَ }

{ وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } أي: تلقح السحاب، أي: تجعلها حوامل بالماء. وذلك أن السحاب بخار يصير بإصابته الهواء البارد حوامل للماء. قاله المهايميّ. فاللواقح، عليه، جمع (ملقح) بحذف الزوائد. أو تلقح الشجر بجَرْيِ مائها فيه أو تنميته ليثمر ويزهو. وجوّز كون اللواقح جمع (لاقح) وهي الناقة الحامل. فشبهت الريح التي تجيء بالمزن الممطرة، بها. كما يشبه ما لا تكون كذلك بـ (العقيم) فقيل: ريح عقيم { فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } أي: بقادرين على إيجاده وإنزاله. و (الخزن) اتخاذ الخزائن، يستعار للقدرة، كما مرّ. أو بحافظين له في أمكنة ينابيعه، من سهول وجبال وعيون وآبار، بل هو تعالى وحده الذي حفظه وسلكه ينابيع في الأرض وجعله عذباً ورحم العباد بسقياه { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ ٱلْوَارِثُونَ } أي: الباقون بعد هلاك الخلق كله. وقيل للباقي: وارث، استعارة من (وارث الميت) لأنه يبقى بعد فنائه. ومنه قوله صلوات الله عليه في دعائه: " واجعله الوارث منا " كذا في (الكشاف).