الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُوْلَـٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ }

{ وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: إن تعجب من شيء فقولهم عجيب حقيق بأن يقتصر عليه التعجب؛ لأن من شاهد ما عدد من الآيات العجيبة التي تدل على قدرةٍ يصغر عندها كل عظيم - أيقن بأن من قدر على إنشائها ولم يعي بخلقها، كانت الإعادة أهون شيء عليه وأيسره. فكان إنكارهم أعجوبة من الأعاجيب. وجوز أن يكون خطاباً لكل من يصلح له، أي: إن تعجب، يا مَنْ نظر في هذه الآيات وعلم قدرة من هذه أفعاله، فازدد تعجباً ممن ينكر، مع هذا، قدرته على البعث، وهو أهون من هذه!

قال أبو السعود: والأنسب بقوله:وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ } [الرعد: 6] هو الأول. و (عجب) خبر قدم على المبتدأ للقصر، والتسجيل من أول الأمر بكون قولهم ذاك أمراً عجيباً.

وقوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ } أي: المنكرون لقدرته على البعث { الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ } أي: تمادوا في الكفر. فإن من أنكر قدرته تعالى فقد أنكره - لأن الإله لا يكون عاجزاً، وفيه تكذيب لخبره ولرسله عليهم السلام { وَأُوْلَئِكَ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ } أي: السلاسل في أيمانهم مشدودة إلى أعناقهم يوم القيامة؛ لأنهم غلوا أفكارهم عن النظر في هذه الأمور كما جعلوا خالقهم مغلول القدرة على ذلك وهو القادر الحكيم. { وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدونَ }.