الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

{ وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ } أي: بقاع متقاربات مختلفة الطبائع. فمن طيبة إلى سبخة، ومن صلبة إلى رخوة، مما يدل على قادر مدبر مريد حكيم في صنعه { وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ } جمع صنو، وهي نخلة أصلها واحد وفروعها شتى، وفي (القاموس): النخلتان، فما زاد في الأصل الواحد، كل واحدة منهما صنو. ويضم أو عام في جميع الشجر. وإفراد الزرع لأنه مصدر في الأصل يشمل القليل والكثير { يُسْقَىٰ } قرئ بالتحتية والفوقية { بِمَآءٍ وَاحِدٍ } أي: بماء المطر أو بماء النهر { وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ } فتتفاضل قدراً وشكلاً ورائحةً وطعماً. والأكل، قرئ بضم الهمزة والكاف وتسكينها وهو ما يؤكل، وهو هنا الثمر والحب. والمجرور إما ظرف لـ { نُفَضِّلُ } أو حال من بعضها، أي: نفضل بعضها مأكولاً أو: وفيه الأكل { إِنَّ فِي ذٰلِكَ } أي: الذي فصل { لآيَاتٍ } على وحدانيته تعالى وباهر قدرته { لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } فإن من عقل ما تقدم جزم بأن من قدر على إبداعها وخلقها مختلفة الأشكال والألوان والطعوم والروائح في تلك البقاع المتباينة المتجاورة، وجعلها حدائق ذات بهجة - قادر على إعادة ما أبداه، بل هو أهون في القياس!