{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً } أي: مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم، وهو ردّ لقولهم: لو كان نبيّاً لكان من جنس الملائكة كما قالوا:{ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ } [الفرقان: 7]، وإعلامٌ بأن ذلك سنة كثير من الرسل، فما جاز في حقهم لِمَ لا يجوز في حقه؟ وقد قال تعالى له:{ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ } [الكهف: 110]. { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي: ما صح له ولا استقام ولم يكن في وسعه أن يأتي قومه بما يقترح عليه، إلا بإرادته تعالى في وقته، لأن الآيات معينة بإزاء الأوقات التي تحدث فيها، من غير تغير وتبدّلٍ وتقدّمٍ وتأخّر. فأمرها منوط بمشيئته تعالى، المبنية على الحكم والمصالح التي عليها يدور أمر الكائنات { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } أي: لكل وقت من الأوقات أمر مكتوب، مقدر معيّن أو مفروض في ذلك الوقت على الخلق حسبما تقتضيه الحكمة. فالشرائع معينة عند الله بحسب الأوقات، في كل وقت يأتي، بما هو صلاح ذلك الوقت، رسول من عنده. وكذا جميع الحوادث من الآيات وغيرها. فليس الأمر على إرادة الكفار واقتراحاتهم، بل على حسب ما يشاؤه تعالى ويختاره. وفيه ردّ لاستعجالهم الآجال وإتيان الخوارق والعذاب.