الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ }

{ يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصِّدِّيقُ } أي: أرسل إليه، فأتاه فقال: يا يوسف؛ ووصفه بالمبالغة في الصدق، حسبما ذاق أحواله، وتعرف صدقه في تأويل رؤياه، ورؤيا صاحبه، حيث جاء كما أول، لكونه بصدد اغتنام معارفه، فهو من باب براعة الاستهلال { أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ } أي: في تأويل رؤيا ذلك. ولم يغير لفظ الملك، لأن التعبير يكون على وفقه، كما بينوه. وفي قوله: { أَفْتِنَا } مع أنه المستفتي وحده، إشعار بأن الرؤيا ليست له، بل لغيره ممن له ملابسة بأمور العامة، وأنه في ذلك معبر وسفير، كما آذن بذلك قوله: { لَّعَلِّيۤ أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ } أي: إلى الملك ومن عنده، { لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ } أي: ذلك، فيعملون بمقتضاه، أو يعلمون فضلك ومكانك من العلم، فيطلبوك ويخلصوك من محنتك. وإنما لم يبت الكلام، بل قال: { لَّعَلِّيۤ } و { لَعَلَّهُمْ } مجاراة معه على نهج الأدب، واحترازاً عن المجازفة، إذ لم يكن على يقين من الرجوع، فربما اخترم دونه:
لعل المنايا دون ما تعداني   
ولا من علمهم بذلك، فربما لم يعلموه - أشار إليه أبو السعود.