{ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } نودي بحذف حرف النداء، لقربه وكمال تفطنه للحديث. أي: يا يوسف أعرض عن هذا الأمر واكتمه، ولا تحدث به. { وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ } أي: الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب، ثم قذفه بما هو بريء منه. { إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ } أي: من جملة القوم المتعمدين للذنب. يقال: خطئ إذا أذنب متعمداً، وأخطأ إذا فعله من غير تعمد. ولهذا يقال: أصاب الخطأ، وأخطأ الصواب، وأصاب الصواب. وإيثار جمع السالم تغليباً للذكور على الإناث. ودل هذا على أن العزيز كان رجلاً حليماً، إذا اكتفى من مؤاخذتها بهذا المقدار. قال ابن كثير: أو أنه عذرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه. ويقال: إنه كان قليل الغيرة. قال الشهاب: وهو لطف من الله تعالى بيوسف عليه السلام. وقال أبو حيان: إنه مقتضى تربة مصر. انتهى. وقد تقرر لدى المحققين أن لاختلاف أحوال العمران في الخصب والجدب، وأقاليمه في الحرارة والبرودة وتوابعهما - أثراً في أخلاق البشر وأبدانهم - انظر المقدمة الرابعة والخامسة من (مقدمة ابن خلدون). ثم ذكر تعالى أن خبر يوسف وامرأة العزيز شاع في المدينة - وهي مصر - بقوله: { وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ... }.