الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ }

{ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَا } نودي بحذف حرف النداء، لقربه وكمال تفطنه للحديث. أي: يا يوسف أعرض عن هذا الأمر واكتمه، ولا تحدث به.

{ وَٱسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ } أي: الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب، ثم قذفه بما هو بريء منه.

{ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ ٱلْخَاطِئِينَ } أي: من جملة القوم المتعمدين للذنب. يقال: خطئ إذا أذنب متعمداً، وأخطأ إذا فعله من غير تعمد. ولهذا يقال: أصاب الخطأ، وأخطأ الصواب، وأصاب الصواب. وإيثار جمع السالم تغليباً للذكور على الإناث. ودل هذا على أن العزيز كان رجلاً حليماً، إذا اكتفى من مؤاخذتها بهذا المقدار.

قال ابن كثير: أو أنه عذرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه. ويقال: إنه كان قليل الغيرة.

قال الشهاب: وهو لطف من الله تعالى بيوسف عليه السلام.

وقال أبو حيان: إنه مقتضى تربة مصر. انتهى.

وقد تقرر لدى المحققين أن لاختلاف أحوال العمران في الخصب والجدب، وأقاليمه في الحرارة والبرودة وتوابعهما - أثراً في أخلاق البشر وأبدانهم - انظر المقدمة الرابعة والخامسة من (مقدمة ابن خلدون).

ثم ذكر تعالى أن خبر يوسف وامرأة العزيز شاع في المدينة - وهي مصر - بقوله:

{ وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي ٱلْمَدِينَةِ... }.