الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ }

{ قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } أي: أتستبعدين من شأنه وقدرته خلق الولد من الهرمين؟

قال الزمخشري: وإنما أنكرت عليها الملائكة تعجبها، لأنها كانت في بيت الآيات، ومهبط المعجزات، والأمور الخارقة للعادات، فكان عليها أن تتوقر، ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيت النبوة، وأن تسبح الله وتمجده، مكان التعجب. وإلى ذلك أشارت الملائكة، صلوات الله عليهم، في قولهم: { رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة، ويخصكم بالإنعام به يا أهل بيت النبوة، فليست بمكان عجب. والكلام مستأنف، علل به إنكار التعجب، كأنه قيل (إياك والتعجب) فإن أَمثال هذه الرحمة والبركة متكاثرة من الله عليكم - انتهى.

فالجملة خبرية، وجوّز كونها دعائية. و { أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } نصب على النداء أو التخصيص، لأن أهل البيت مدح لهم، إذ المراد أهل بيت خليل الرحمن.

{ إِنَّهُ حَمِيدٌ } أي: مستحق للمحامد، لما وهبه من جلائل النعم { مَّجِيدٌ } أي: كريم واسع الإحسان، فلا يبعد أن يعطى الولد بعد الكبر. وهو تذييل بديع لبيان أن مقتضى حالها أن تحمد مستوجبَ الحمد المحسن إليها بما أحسن، وتمجده إذ شرفها بما شرّف.