الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ }

{ قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ } أي: فلا أغرق { قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ } أي: لا مانع اليوم من بلائه، وهو الطوفان، إلا الراحم وهو الله تعالى. أو لا عاصم إلا مكان من رحم، وهم المؤمنون، يعني السفينة، أو لا عاصم، بمعنى: لا ذا عصمة إلا من رحمه الله. أو (إلا) منقطعة، أي: لكن من رحمه فهو المعصوم.

قال الناصر: الاحتمالات الممكنة أربعة: لا عاصم إلا راحم، ولا معصوم إلا مرحوم، ولا عاصم إلا مرحوم، ولا معصوم إلا راحم، فالأولان استثناء من الجنس، والآخران من غير الجنس. أي: فيكون منقطعاً. أي: لكن المرحوم يعصم، على الأول، ولكن الراحم يعصم من أراد، على الثاني.

وزاد الزمخشري خامساً وهو: لا عاصم إلا مرحوم، على أنه من الجنس، بتأويل حذف المضاف، تقديره: لا مكان عاصم إلا مكان مرحوم. والمراد بالنفي التعريض بعدم عصمة الجبل، وبالمثبت التعريض بعصمة السفينة. والكل جائز وبعضها أقرب من بعض - انتهى.

{ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ } أي: صار حائلاً بين نوح وابنه، أو بين ابنه والجبل، لارتفاعه فوقه: { فَكَانَ } أي: ابنه مع كونه فوق الجبل { مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ } أي: الهالكين بالغرق.

وفيه دلالة على هلاك سائر الكفرة على أبلغ وجه، فكان ذلك أمراً مقرر الوقوع، غير مفتقر إلى البيان. وفي إيراد (كان) دون (صار) مبالغة في كونه منهم - أفاده أبو السعود.