الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا } أي: وحبط في الآخرة ما صنعوه، أي: لم يكن لهم ثواب عليه. وجوز تعلق الظرف بـ { صَنَعُواْ } والضمير للدنيا، كما عاد عليه في قوله:نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا } [هود: 15]: { وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي: كان عملهم في نفسه باطلاً، لأنه لم يعمل لغرض صحيح.

ونظير هذه الآية قوله تعالى:مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً * كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاۤءِ وَهَـٰؤُلاۤءِ مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } [الإسراء: 18-20]. وقوله تعالى:مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ } [الشورى: 20].

لطيفة

في إعراب { بَاطِلٌ } وجهان: الأول: كونه خبراً مقدماً، و (ما كانوا) مبتدأ مؤخراً. و (ما) مصدرية أو موصولة، والكلام من عطف الجمل.

والثاني: كونه عطفاً على الأخبار قبله، أي: أولئك باطل ما كانوا يعملون. و: { مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فاعل بـ { بَاطِلٌ }. ورجح هذا بقراءة زيد بن عليّ رضي الله عنهما: (بَطِلَ) ماضياً معطوفاً على (حَبِطَ).

ثم أشار تعالى إلى صفة المؤمنين، في مقابلة أولئك، بقوله سبحانه:

{ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ... }.