الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ الۤر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ }

{ الۤر } تقدم الكلام على مثلها في أول سورة البقرة فليتذكر.

{ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ } أي: نظمت نظماً رصيناً محكماً معجزاً، وأثبتت دائمة على حالها لا تتبدل ولا تتغير ولا تفسد، محفوظة عن كل نقص وآفة { ثُمَّ فُصِّلَتْ } أي: لأنواع من دلائل التوحيد والأحكام والمواعظ والقصص، كما تفصل القلائد بالفرائد، أو جعلت فصولاً سورة سورة، وآية آية، أو فصل فيها ما يحتاج إليه العباد، أي: بيّن ولخص.

قيل: (ثم) هنا للتراخي في الحكم، أي: الرتبة أو التراخي بين الإخبارين، لا للتراخي في الوقت؛ لأن التفصيل والإحكام صفتان لشيء واحد، لا تنفك إحداهما عن الأخرى، فليس بينهما ترتب وتراخ. وهذا التكلف، على أن (ثم) تقتضي الترتيب، وقد خالف قوم في اقتضائها إياه، كما حكاه في (المغني).

{ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } أي: إحكامها وتفصيلها من لدن حكيم بناها على علم وحكمة، لا يمكن أحسن منها، وأشد إحكامها، وخبير بتفاصيلها على ما ينبغي في النظام الحكمي في تقديرها وتوقيتها وترتيبها - قاله القاشانيّ.

قال الزمخشريّ: وفيه طباق حسن، لأن المعنى أحكمها حكيم وفصلها، أي: بينها وشرحها خبير عالم بكيفيات الأمور.