{ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } قال ابن جرير: أي: فأما من ثقلت موازين حسناته، يعني بالموازين: الوزن. والعرب تقول: (لك عندي درهم بميزان درهمك) ويقولون: (داري بميزان دارك ووزن دارك) يراد حذاء دارك. قال الشاعر:
قد كنتُ قبل لقائكم ذا مِرَّة
عندي لكلِّ مخاصم ميزانُهُ
يعني بقوله: (ميزانه): كلامه وما ينقض عليه حجته. وكان مجاهد يقول: ليس ميزان. إنما هو مثل ضرب. انتهى. وعليه، فالموازين: جمع ميزان. وجوز كونه جمع موزون، وهو العمل الذي له خطر ووزن عند الله تعالى. ومعنى قوله: { فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } أي: في عيشة قد رضيها في الجنة. فـ { رَّاضِيَةٍ } بمعنى: مرضية، على التجوز في الكلمة نفسها أو في إسنادها. أو استعارة مكنية وتخييلية { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } أي: وزن حسناته { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } أي: فمأواه ومسكنه الهاوية التي يهوي فيها على رأسه في جهنم. قال الشهاب: فسمى المأوى (أُمّا) على التشبيه تهكماً؛ لأن أم الولد مأواه ومقره. وفي التأويلات قيل: المراد: أم رأسه. أي: يلقى في النار منكوساً على رأسه. انتهى. والأول هو الموافق لقوله: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ } فإنه تقرير لها بعد إبهامها، والإشعار بخروجها عن الحدود المعهودة للتهويل. وأصل { مَا هِيَهْ }: ما هي، كناية عن الهاوية. فأدخل في آخرها هاء السكت وقفاً. وتحذف وصلا. وقد أجيز إثباتها مع الوصل.