الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ } أي: لحقهم { فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً } أي: لأجل البغي عليهم والاعتداء { حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ قَالَ } يرجو النجاة من الغرق { آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } وذلك أن موسى عليه السلام لما رغب إلى فرعون أن يطلق الإسرائيليين من عبوديته، ويأذن لهم بالسراح إلى فلسطين ليعبدوا ربهم، أبى وتمرد، فضربه الله وقومه بالآيات التسع، كما تقدم في سورة (الأعراف)، فأذن لموسى وشعبه بالخروج من مصر، فارتحل بنو إسرائيل جميعاً بمواشيهم وأثاثهم، ثم ندم فرعون وملؤه على إطلاقهم من خدمتهم، فاشتد فرعون وجنوده في أثرهم ليردهم، فأدركهم وهم نازلون عند البحر، فرهب الإسرائيليون من مقدمه، وضجوا إلى موسى، فسكن روعهم، وأعلمهم ما يشاهدون من نجاتهم، وهلاك عدوهم، وأوحى تعالى إلى موسى أن يضرب بعصاه البحر، فانشق ودخل بنو إسرائيل في وسطه على اليبس الذي جعله تعالى آية كبرى، ونفذوا منه إلى شاطئه، وتبعهم فرعون وجنوده. حتى إذا توسطوا البحر، مد موسى يده على البحر، فارتد إلى ما كان عليه، وغرق بمن معه ولما أحس بالغرق، لاذ إلى الإيمان يبغي النجاة، فقيل له:

{ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ... }.