الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونَ }

{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ } أي: خبره الذي له شأن وخطر، مع قومه المغترين بعزة الأموال والأعوان، ليتدبروا ما فيه من صحة توكله على الله، ونظره إلى قومه، بعين عدم المبالاة بهم، وبمكايدهم، وزوال ما تمتعوا به من النعيم، بإغراقهم بالطوفان، فلعلهم يكفون عن كفرهم، وتلين أفئدتهم، ويستيقنون صحة نبوتك { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ } أي: شق وثقل { عَلَيْكُمْ مَّقَامِي } أي: مكاني، يعني نفسه، أو مكثي بين أظهركم مددا طوالا، ألف سنة إلا خمسين عاما. أو قيامي بالدعوة إلى الله، من رؤيتكم ذلتي بقلة الأموال والأعوان، ومنع عزتكم بهما عن الانقياد لي { وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ ٱللَّهِ } أي: بحججه وبراهينه، أو تخويفي بعذابه { فَعَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْتُ } أي: اعتمدت في دفع ما قصدتموني به { فَأَجْمِعُوۤاْ أَمْرَكُمْ } أي: شأنكم في إهلاكي { وَشُرَكَآءَكُمْ } يعني: آلهتهم. وهو تهكم بهم، أو نظراءهم في الشرك. و (الواو) بمعنى مع، أو معطوف على { أَمْرَكُمْ } بحذف المضاف، أي: وأمر شركائكم. أو منصوب بمحذوف، أي: ادعوا شركاءكم، وذلك لأن (أجمع) يتعلق بالمعاني. يقال: (أجمع الأمر: إذا نواه وعزم عليه) { ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } أي: مستورا. من (غمه، إذا ستره) بل مكشوفاً تجاهرونني به { ثُمَّ ٱقْضُوۤاْ إِلَيَّ } أي: أدوا إلي ذلك الأمر الذي تريدون بي { وَلاَ تُنظِرُونَ } أي: ولا تمهلوني.