الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلاۤ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَنْ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ }

{ أَلاۤ إِنَّ لِلَّهِ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰت وَمَنْ فِي ٱلأَرْضِ } أي: كلهم تحت ملكته وتصرفه وقهره، لا يقدرون على شيء بغير إذنه ومشيئته وإقداره إياهم. وقوله: { وَمَا يَتَّبِعُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ شُرَكَآءَ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } تأكيد لما سبق من اختصاص العزة به تعالى، لتزيد سلوته صلوات الله عليه، وبرهان على بطلان ظنونهم وأقوالهم المبنية عليها. وفي { مَا } من قوله: { وَمَا يَتَّبِعُ } وجهان:

أحدهما: أنها نافية، و { شُرَكَآءَ } مفعول { يَتَّبِعُ } ومفعول { يَدْعُونَ } محذوف لظهوره. أي: ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء، شركاء في الحقيقة، وإن سموها شركاء لجهلهم، فاقتصر على أحدهما لظهور دلالته على الآخر، ويجوز أن يكون { شُرَكَآءَ } مفعول { يَدْعُونَ } ، ومفعول { يَتَّبِعُ } محذوف، لانفهامه من قوله: { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ }. أي: ما يتبعون يقيناً، إنما يتبعون ظنهم الباطل.

والوجه الثاني: أنها استفهامية، منصوبة بـ { يَتَّبِعُ } ، و { شُرَكَآءَ } مفعول { يَدْعُونَ }. أي: أيّ شيء يتبع هؤلاء؟ أي: إذا كان الكل تحت قهرة وملكته فما يتبعون من دون الله ليس بشيء، ولا تأثير له ولا قوة، إن يتبعون إلا ما يتوهمونه في ظنهم، ويتخيلونه في خيالهم، وما هم إلا يقدرون وجود شيء لا وجود له في الحقيقة.

ثم نبه تعالى على انفراده بالقدرة الكاملة، والنعمة الشاملة، ليدل على توحده سبحانه باستحقاق العبادة، بقوله:

{ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ... }.