الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }

{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ } أي: بوجه من الوجوه، كبعثة الرسل، وإيتاء العقل، وتمكين النظر في آيات الكون، والتوفيق للتدبر. { قُلِ ٱللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِيۤ إِلَى ٱلْحَقِّ } وهو تبارك وتعالى { أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ } أي: يعبد ويطاع { أَمَّن لاَّ يَهِدِّيۤ } أي: لا يهدي بنفسه، أولا يهدي غيره { إِلاَّ أَن يُهْدَىٰ } أي: إلا أن يهديه الله تعالى - نزل منزلة من يعقل لإفحامهم - وقيل معناه: أم من لا يهتدي من الأوثان إلى مكان فينتقل إليه إلا أن ينقل. أو لا يهتدي ولا يصح منه الاهتداء، إلا أن ينقله الله من حاله إلى أن يجعله حيواناً مكلفاً، فيهديه. وقد قرئ: { أَمَّنْ لا يَهَدِّي } بفتح الياء والهاء وتشديد الدال، أصله يهتدي، أدغمت التاء في الدال، ونقلت فتحة التاء المدغمة إلى الهاء؛ وقرئ بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال؛ لأنه لما نقلت الحركة التقى ساكنان، فكسر أولهما للتخلص من التقائهما، وقرئ بسكون الهاء وبتخفيف الدال، على معنى (يهتدي). والعرب تقول: يهدي بمعنى يهتدي. يقال: هديته فهدي أي: اهتدى.

وقوله تعالى: { فَمَا لَكُمْ } مبتدأ وخبر، والاستفهام للإنكار والتعجب. أي: أيُّ شيء لكم في اتخاذ هؤلاء العاجزين عن هداية أنفسهم، فضلاً عن هداية غيرهم، شركاء. وقوله: { كَيْفَ تَحْكُمُونَ } مستأنف، أي: كيف تحكمون بالباطل، حيث تزعمون أنهم أنداد الله؟!.