الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ }

{ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } يعني: المشركين ومعبوداتهم للمقاولة بينهم { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } أي: معبوديهم بالله، مع توقعهم الشفاعة منهم { مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ } أي: الزموا مكانكم، لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل بكم.

قال القاشاني: معناه قفوا مع ما وقفوا معه في الموقف من قطع الوصل والأسباب التي هي سبب محبتهم وعبادتهم، وتبرؤ المعبود من العابد لانقطاع الأغراض الطبيعية التي توجب تلك الوصل.

ومعنى قوله: { فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } أي: مع كونهم في الموقف معاً، فرقنا بينهم، وقطعنا الوصل التي بينهم، فلا يبقى من العابدين توقع شفاعة، ولا من المعبودين إفادتها، لو أمكنتهم { وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ } إذ لم تكن عبادتكم من أمرنا، بل عن أمر الشيطان، فكنتم عابديه بالحقيقة، بطاعتكم إياه، وعابدي ما اخترعتموه في أوهامكم من أباطيل فاسدة، وأماني كاذبة.

قيل: القول مجاز عن تبرئهم من عبادتهم، وأنهم عبدوا أهواءهم وشياطينهم؛ لأنها الآمرة لهم دونهم، لأن الأوثان جمادات وهي لا تنطق. وقيل: ينطقهاٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } [فصلت: 21]، فتشافههم بذلك، مكان الشفاعة التي كانوا يتوقعونها.