الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ }

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ } أي: الأوثان التي هي جماد لا تقدر على نفع ولا ضر، أي: ومن شأن المعبود القدرة على ذلك. { وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلاۤءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ ٱللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } أي: أتخبرونه بكونهم شفعاء عنده، وهو إنباء بما ليس بمعلوم لله، وإذا لم يكن معلوماً له - وهو العالم المحيط بجميع المعلومات - لم يكن موجوداً، فكان خبراً ليس له مخبر عنه.

فإن قلت: كيف أنبأوا الله بذلك؟ قلت: هو تهكم بهم، وبما ادعوه من المحال الذي هو شفاعة الأصنام، وإعلام بأن الذي أنبأوا به باطل، فكأنهم يخبرونه بشيء لا يتعلق علمه به، كما يخبر الرجل بما لا يعلمه.

وقوله: { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } تأكيد لنفيه؛ لأن ما لم يوجد فيهما فهو منتف معدوم - كذا في الكشاف - { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي: عن الشركاء الذين يشركونهم به، أو عن إشراكهم.

ثم أشار تعالى إلى أن التوحيد والإسلام ملة قديمة كان عليها الناس أجمع، فطرة وتشريعاً، بقوله تعالى:

{ وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً... }.