الرئيسية - التفاسير


* تفسير محاسن التأويل / محمد جمال الدين القاسمي (ت 1332هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

{ وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ } وهم الذين لا يرجون لقاءه تعالى لكفرهم { ٱلشَّرَّ } أي: الذي كانوا يستعجلون به، فإنهم كانوا يقولون:ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32] ونحو ذلك { ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ } أي: تعجيلاً مثل استعجالهم الدعاء بالخير { لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } أي: لأميتوا وأهلكوا { فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي: في ضلالهم وشركهم يترددون.

لطيفة

زعم الزمخشري أن معنى استعجالهم بالخير، أي: تعجيله لهم الخير، وضع الأول موضع الثاني إشعاراً بسرعة إجابته لهم، وإسعافه بطلبتهم، حتى كأن استعجالهم بالخير تعجيل لهم. وعندي أنه صرف اللفظ الكريم عن ظاهره بلا داع. ولا بلاغة فيه أيضاً، وإن توبع فيه. والحرص على موافقة عامل المصدر له ليكونا من باب واحد - غير ضروري في العربية والشواهد كثيرة.

وجوز الرازي أن يكون: { يُعَجِّلُ } أصله يستعجل، عدل عنه تنزيها للجناب الأقدس عن وصف طلب العجلة، فوصف بتكوينها، ووصف الناس بطلبها؛ لأنه الأليق.

ولعل الأدق أن { ٱسْتِعْجَالَهُمْ } مصدر لفعل دل عليه ما قبله، والتقدير: ولو يجعل الله للناس الشر الذي يستعجلون به استعجالهم. وإنما حذف إيجازا، للعلم به. ويوافقه قوله تعالى:وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ } [الإسراء: 11] فإنه في معنى ما هنا.