الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ }

2783- حدثنا عبد الرزاق، عن إسرائيل (بن) يونس، عن أبي إسحاق الهمداني، عن الحارث، عن علي في قوله تعالى: { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ }: [الآية: 67]، أن عَليّاً قال: خليلان مؤمنان، وخليلان كافران، تُوُفِّيَ أحد المؤمنين فبُشَّر بالجنَّةِ، فذكر خليله فقال: اللهم إن خليلي فلاناً كَانَ يأمُرُوني بطاعتَك وطاعة رَسُولِكَ، ويأمُرُني بالخير وينهاني عن الشَّرّ، وينبئني أني مُلاَقِيكَ، فَلاَ تُضِلُّهُ بعدي حتى تُريه مثلَ ما أريتني، وتَرضَى عنه كما رَضِيت عنِّي، فيقال له: اذهب، فلو تعلم ما لك عندي لضحكتَ كثيراً وبكيتَ قَليلاً.

قال: ثم يموت الآخر، فَيُجْمَعُ بين أَرْوَاحِهِما فيقال: لِيُثْنِ أحدكما عَلى صَاحِبِه، فيقول كل واحدٍ منهما لصاحبه: نعم الأخ، ونعم الصاحب، ونعم الخليل. وإذا مات أحدُ الكافِرين فَبُشِّرَ بالنار فَيَذْكُر خليله فيقول: اللهم إنَّ خليلي فلاناً، كَانَ يأمُرُني بمعصيتك ومعصية رسُولِكَ، ويأمرني بالشر، وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك، اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل الذي أريتني وتسخط عليه كما سخطت عَلَيَّ. قال: فيموت الكافِر فيجع بين أرواحهما، ثم يقول: لِيُثْنِ كُلُّ واحِدٍ منكما عَلَى صَاحبه، فيقول كُلُّ واحدٍ منهما لِصَاحِبِه: بئس الأخ وبئس الصاحب وبئس الخليل.

2784- حدثنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا ابن عيينة، عن عبد الملك بن سعيد بن أبجر ومطرف بن طريف، عن الشعبي قال: سمعت المغيرة بن شعبة يُحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أَنَّ موسى سأل الله قال: ربّ أخبرني بأدنى أهل الجنة مَنْزِلَةً؟ قال: هو رجل يجيء بعدما يدل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: ربّ، وكيف؟ وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم، قال: فيقال له: أما ترضى أن يكون لك مثل ما كان لِملِكٍ من مُلُوكِ الدنيا؟ فيقول: بلى أي ربّ، فيقال له: فإنَّ ذلك لك ومثله ومثله، فذكر مِراراً، فيقول: ربّ رَضيت ربّ، فيقال: فإنَ لك هذا وعشرة أمثاله، فيقول: رضيت ربّ، فيقال له: إنَّ لك ما اشتهت نفسك ولَذَّت عينك، فيقول: رضيت ربّ، فقال موسى: ربّ، فأخبرني عن أفضل أهل الجنة مَنْزِلَةً فقال: عن أولئك سألت أو ذلك أردت وسوف أخبرك: غرست كراماتهم بيدي، وختمت عليها، فلم تَرَ عينٌ ولم تسمع أُذُنٌ، ولم يخطر على قلب بشر، فقال: ومصداق ذلك في كتاب الله: { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } " [السجدة: 17] الآية.

2785- عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر، عن إسماعيل، أَنَّ عِكْرِمة أخبره، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ أَهْوَنَ أهلِ النَّارِ عَذَاباً: رَجُلٌ يَطأ جَمْرَةً يَغْلي مِنْهَا دماغُه " ، فقال أبو بكر: وما كان جُرْمُهُ يا رسول الله قال: كانت له ماشِية، يغشى بِهَا الزَّرْعَ ويؤذيه، وحرمه الله وما حوله غلوة بسهم، وربما قال: رميةً بحجر، فاحذروا أن لا يُسْحِت الرجل مالَه في الدنيا، ويهلك نفسه في الآخرة، فلا تُسْحِتُوا أمْوالكم في الدنْيا، وتُهْلِكُوا أنفسكم في الآخِرَةِ، وكان يصل هذا الحديث. قال: وإنَّ أدْنى أهل الجنة منزلةً، وأسفلهم درجةً لرجل لا يدخل الجنة بعده أحد، يُفْسَحُ له في بصره مسيرة مائة عام، في قُصُور من ذهب وخيام مِنْ لؤلؤ، ليس فيها موضع شبرٍ إلا مَعْمُور، يُغْذَى عليه ويُراحُ كُلَّ يَوْمٍ بسبعين ألف صحفةٍ من ذهب ليس فيها صحفة إلا وفيها لَوْن ليس في الأخرى مثله، شهوته في آخرها كشهوته في أولها، لو نَزَلَ به جميع أهْل الدنيا لَوَسَّعَ عليهم مما أُعْطِيَ، لا ينقص ذلِكَ مِمَّا أُوتِيَ شيئاً ".