الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً }

588- عبد الرزاق، قال: أنبأنا مَعْمَرُ، قال: أخبرني رَجُل عن المنْهَالِ بن عمرو، عن سعيد بن جبير، قال: جَاءَ رجُلٌ إلى ابنِ عبَّاس فقال: أرأيت أشْياء تختلف عليَّ من القرآن، قال: ما هو؟ أَشَكٌّ في القرآنِ؟ قالَ: لَيْسَ بِشَكٍّ، ولكن اخْتِلافٌ، قال: فهات ما اختَلَفَ عليك مِنْ ذَلِكَ، قال: أسمع الله حيثُ يقُولُ:ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23]، وقالَ: { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } [النساء: 42]، فقد كَتَمُوا، قالَ: ومَاذا؟ قال: وأسمعه يقول:فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [المؤمنون: 101]، وقَالَ:وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [الصافات: 27]، وقَالَ:أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } [فصلت: 9]، حتى بلغطَآئِعِينَ } [فصلت: 11]، وقَالَ في الآية الأخرى:ٱلسَّمَآءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا } [النازعات: 27-28]، ثم قَالَ:وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [النازعات: 30]، قال: وأسمعه يقول: { كَانَ ٱللَّهُ } ما شأنه يقُولَ: { وَكَانَ ٱللَّهُ } ، قال: فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: أمَّا قَوْلُهُ:ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23]، فإنَّهم لمَّا رأوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ الله يَغْفِرُ لأهْلِ الإِسْلامِ ويَغْفِرُ الذُّنوب، ولا يَغْفِرُ شِرْكاً ولا يتعاظمه ذنب أن يغْفِرَهُ جحد المشركون؛ فقالوا: والله ربنا ما كنَّا مشركين رجاء أن يغفر لهم، فَخَتَم على أفواهِهِمْ وتكلّمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملُون، فعِنْد ذلِك يوَدُّ الذين كفروا وعصوا الرسول لو تُسوَّى بهم الأرض { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } [النساء: 42].

وأما قوله تعالى:فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } [المؤمنون: 101] فإنه إذا نفخ في الصور فَصُعِقَ مَنْ في السَّمَاواتِ ومن في الأرض إلا من شاء الله، فلا أنساب بينهم عند ذلِك ولا يتساءلُون، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرونوَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ } [الصافات: 27]، وأمَّا قوله:أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } [فصلت: 9]، فإنَّ الأرضَ خُلِقَت قبل السَّماءِ، وكانت السماء دُخاناً فَسَوَّاهُنَّ سبع سماوات في يومين بعد خلْقِ الأرضِ. وأمّا قوله:وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [النازعات: 30] فيقول: جَعَلَ فيها جبلاً، جعل فيها نهراً، جَعَلَ فيها شَجَراً، جَعَلَ فيها بُحُوراً.

589- عبد الرزاق، قال: أخبرنا مَعْمرُ قال: أخبرني ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: خَلَقَ اللهُ الأرضَ قبل السماء، فثَار مِنَ الأرْضِ دخانٌ، ثم خُلِقَت السماء بعد. وأما قوله:وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } [النازعات: 30]، فيقول: مع ذلِك دَحَاها، و " مع " و " بعد " سواء في كلام العرب، قال ابن عباس: وأمَّا قوله: { كَانَ ٱللَّهُ } ، فإن الله كان لم يَزَلْ كذلِك وهو كذلك عزيزٌ حكيمٌ عليمٌ قديرٌ لم يزل كذلِكَ، فما اخْتَلَفَ عليك من القرآن فهو شبه ما ذكرت لك، وإنَّ الله لم ينزل شيئاً إلاَّ وقد أصاب به الذي أراد، ولكنّ الناس لا يعْلمون.

590- عبد الرزاق، قال: أنبأنا معمر عن قتادة قال: جاء رجل إلى عِكْرِمة فقال: أرأيت قول الله تعالى:هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } [المرسلات: 35]، وقوله:ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } [الزمر: 31]، قال: إنها مواقفُ، فأمَّا مَوْقفٌ منها فتكلموا واختصموا ثم ختم الله عَلَى أفْواهِهِم فتكلمت أيْديهم وأرْجُلهم، فحينئذٍ لا ينطقون.