الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير عبد الرزاق الصنعاني مصور /همام الصنعاني (ت 211 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّىٰ يَقُولَ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ }

250- عبد الرزاق، قال: حدّثنا معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: { وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ وَٱلضَّرَّآءُ }: [الآية: 214]، قال: نزلت في يوم الأحزاب، أصاب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابهُ يومئذ بلاءٌ وحَصْرٌ، فكانوا كما قال الله عزّ وجلّ:وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ } [الأحزاب: 10].

251- عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، قال: لما كان يومٌ الأحزاب، حُصِرَ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بضع عشْرَةَ لَيْلَة حتى خلص إلى كُلِّ امرىءٍ منهم الكرب، وحتَّى قالَ النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ابن المسيّب: " " اللَّهُمْ أنشدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ. اللّهم إنك إنْ تشأ لا تعبد " فَبَيْنا هم على ذَلِكَ، أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عُيَيْنة بن حِصْن بن بدر: " أرأيت إن جَعَلْتُ لَك ثُلُث ثمرِ الأنصار أترجعُ بمَنْ مَعَكَ من غطفان؟ وتخذلُ بين الأحزاب "؟ فأرسل إلَيْهِ عُيَيْنَة: إنْ جَعَلْتَ لي الشَّطْر فَعَلْت، فأرسلَ النبي صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، فقال: " إني أرْسلْتُ إلى عُيَيْنة، فعرضت عليه أنْ أجْعَل لهُ ثلث ثمركم، ويرجع بمن معه من غطفان ويخذل بين الأحزاب، فأبى إلاَّ الشَّطْر ". فقالا: يا رسول الله! إنْ كنت أمرت بشيء فامضِ لأمرِ اللهِ. قالَ: " لو كنت أُمِرْتُ بشيءٍ ما اسْتأمَرْتُكُما، ولكن هذا رأي أعْرضه عَلَيْكُما " قالاَ: فإنا لا نَرى أن نعطيهم إلاّ السيف ".

قالَ ابن أبي نجيح، قالا: فوالله يا رسول الله، لقد كانَ يمرُّ في الجاهليَّةَ يَجُرُّ [سربه] في عام السَّنة حوْل المدينة ما يطيقُ أنْ يدْخُلَها، فالآن لما جاء الله بالإِسلام نُعْطِيهم ذلك؟

252- عبد الرزاق، قال معمر، قال الزّهري، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " " فنعمّ إذن ". فبينا هم كذلِكَ إذ جاءهم نُعَيْم بن مسعُود الأشجعي، وكان يأمنه الفريقان جميعاً، وكانَ مُوادعاً لَهُمَا، فقال: إني كنت عِندَ عُيَيْنة وأبي سفيان، إذْ جاءتهم رُسُلُ بني قريظة أن اثبتوا فإنَّا سنخالف المسلمين إلى بَيْضتِهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " فَلَعَلَّنا أمرناهم بذلِكَ " وَكَانَ نُعَيْمٌ رجُلاً لا يَكْتُم الحديث، فقام بكلمة النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء عمر، فقال: يا رسول الله، إنْ كانَ هَذاَ أمرٌ من أمر الله فأمضِهِ، وإن كان رأياً مِنْك، فإن شأنَ بَني قريظة وقريش أهون من أن يكون لأحد عليك فيه مقال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وعليَّ الرجل رُدُّوهُ " فَردُّوهُ، فقال: " انظر الذي ذكرناه لك، فلا تذكره لأحد " فكأنما أغراهُ به. فانطلق حتَّى أتى عُيَيْنة وأبا سُفْيان، فقال: هَلْ سمعتم محمَّداً يقُولُ قَوْلاً إلاَّ كان حقّاً، قالوا: لا، قال: فإني لما ذكرت له شأن بني قريظة، قال: " فَلَعلَّنا أمرناهم بذلِكَ " ، فقال أبو سفيان: سنعلم ذلك إن كان مكراً، فأرسل إلى بني قُرَيْظة إنكم قد أمرتمونا أن نثبت، وإنكم ستخالفون المسلمين إلى بَيْضتِهم، فأعْطُونا بذلِكَ رهينة، قالوا: إنها قد دخلت ليلة السَّبت، وإنا لا نقضي في السبت شيئاً. قال أبو سفيان: أنتم في مكْرٍ من بني قريظة، فارتحلوا فأرسل الله إليهم الريح، وقذف في قلوبهم الرُّعْبَ، فأطفأت نيرانَهُم، وقَطَّعتْ أرسان خيولهم، فانطلقوا منهزِمين مِنْ غير قتال ".

السابقالتالي
2